ليلة عصيبة” عاشتها ساكنة مدينة تيفلت الهادئة، حين إقدام أحد باعة الهواتف المتنقلة بالشّارع العام على محاولة الانتحار، احتجاجاً على مصادرة سلعته من طرف الشرطة، ما دفعه، حسب شهود عيان، إلى صعود سطح بناية مفوضية الأمن والتشبتث بلاقطها الهوائي لأزيد من خمس ساعات..
القصة، التي وصفها ساكنة المدينة بحادثة “بوعزيزي تيفلت”، بدأت حين أقدمت السلطات المحلية على مصادرة هواتف نقالة كان يبيعها شاب في الثلاثينات من عمره، يدعى المزديوي محماد، على أرصفة إحدى شوارع المدينة، وهو ما اعتبره استفزازاً من السلطات بـ”الإجهاز” على ممتلكاته التي يكسب منها قوتَ يومِه ويسدّ بها جوع عائلته.
مصادر أخرى قالت لهسبريس إن السبب الرئيسي وراء احتجاج محماد يعود لشكاية وضعها ضد أحد مسؤولي الشرطة، بسبب مشكل شخصي سابق، أثار غضب بائع “الهواتف المحمولة”.

محماد أقدم متسللا، حسب إفادات شهود عيان لهسبريس، على الصعود إلى نيابة مفوضية الشرطة المتواجد بشارع المسيرة الخضراء بالمدينة، ليصل إلى سطحها وتسلق عمود اللاقط الهوائي المثبت بها، حيث بقي على تلك الحال قرابة 5 ساعات، مهددا بالانتحار إن لم يتم إعادة ممتلكاته، قبل أن يفرض حضور مسؤولين كبار للنظر في مطالبه.


محاولة انتحار محماد من أعلى بناية مقر الأمن، أثار فضول وحفيظة ساكنة مدينة تيفلت، الذين تجمهروا بالمئات أمام مسرح الحدث، فيما لوحظ حضور ناشطين حقوقيين، تضيف مصادر هسبريس، قصد إقناع الشاب من أجل العدول عن الانتحار وتسوية مطالبه بالحوار.
بعد ما تجاوزت عقارب الساعة السابعة والنصف ليلا، تدخلت السلطات المحلية من أجل إنزال محماد من أعلى البناية، بعد إقناعه بالتجاوب مع مطالبه مقابل سلامته البدنية، حيث تم نصب قطع كبيرة من الاسفنج تحت المقر، إلى أن نزل الشاب المحتج من فوق عمود اللاقط الهوائي ومنها إلى “مساحة الأمان” التي تم توفيرها له بالقفز من سطح البناية التي تعلو الأرض بحوالي 7 أمتار تقريبا.
المشاهد المثيرة في الحادث لم تنته بعد، حيث اندلعت اصطدامات بين ساكنة المدينة المتجمهرين مع القوات العمومية، ما أدى إلى حدوث فوضى في الشارع العام، وصل إلى حد الرشق بالحجارة، ما نتج عنه بعض الخسائر المادية في الواجهة الخارجية لبعض المحلات والمؤسسات في الشارع العام، فيما تم توقيف بعض المحتجين، ما خلف حالات من الإغماء والهلع.

بعض ساكنة المدينة وصفوا أمس بـ”الثلاثاء الأسود”، حيث امتد الكر والفر إلى حدود منتصف ليلة أمس، بعدما تم إيفاد تعزيزات أمنية من مدينة سيدي علال البحراوي والخميسات، قبل أن تهدأ الأمور، ويصبح الساكنة اليوم الأربعاء على مشاهد الحجارة ملقاة على الشارع وخسائر مادية لحقت بعض المحلات التجارية، فيما انتقل محماد إلى المستشفى بعد إصابته بكسر إثر سقوطه من البناية.

