مع بدء العد التنازلي لنهائيات كأس العالم بكرة القدم في البرازيل فان طموحات المنتخبات الاثنين والثلاثين تبقى متباينة في حجم مايمكن ان تحققه من انجاز ، فالبعض وهم قلة يطمحون بكأس تضاف الى سجل انجازاتهم في النسخ الماضية ، واخرون تتباين تطلعاتهم بين محاولة البحث عن تسجيل حضور مؤثر بين الاقوياء ومحاولة كتابة تاريخ مشرق يراهن من يبحث عن تحقيقه استحضار قيم فنية واخرى معنوية قد يدخل حتما على خطها الحظ والسحر والشعوذة ورحمة اخطاء الحكام ، لكن المهم في النهاية ان الجميع بمختلف توجهاتهم وطريقة رسم اهدافهم يبحثون عن مشاركة ناجعة يمكن من خلالها البدء بمرحلة جديدة وفقا لحسابات ممنهجة تسهم في رسم ملامح متفائلة لما يمكن ان يكون عليه الحال في المستقبل .
مقدمة قد يجدها البعض تجتزئ حقيقة لايمكن للمرء ان يغض الطرف عنها ، مفادها ان مجرد المشاركة في كأس العالم هو الانجاز بعينه .!! حقيقة من المؤكد انها لن تجد قبولا لدى الاسبان والالمان وراقصي السامبا البرازيليين والتانجو الارجنتيني وطواحين هولندا والطليان ، لكنها بالنسبة لنا كعرب ، أمست حقيقة واقعة تحولت مع كل انتكاسة الى ضرب من ضروب المستحيل بتنا نعيش مرارتها ونكتفي مجبرين بتذوق حلاوتها باقدام الاخرين عبر شاشات التلفاز..!!
المنتخب السعودي في مونديال اميركا 1994 وقبله المغربي في مونديال المكسيك 1986 استثناء من قاعدة الخروج من الدور الاول التي لازمت معظم المنتخبات العربية ، خروج اذا ما استثنينا المؤامرة الالمانية – النمساوية بحق المنتخب الجزائري في مونديال اسبانيا 1982 لم يكن يحمل سوى خيبات امل ليس لما جنته تلك المنتخبات من نتائج ، بل لما اعقب تلك المشاركات من انحدار في الخط البياني لمنتخبات كالكويت في مونديال 1982 والعراق مونديال1986 والامارات ومصر في مونديال ايطاليا عام 1990 والحال ينطبق بنسب اقل على منتخبات المغرب العربي الجزائر والمغرب وتونس لانها تمكنت من تجاوز كبوتها ولو بعد حين وعلى فترات متقطعة .
السبب الوحيد وراء ما اصابنا من وهن في النتائج والحضور في أهم بطولة على وجه الارض ، اننا لانعرف الفارق بين ان تكون المشاركة مجرد بداية لتحقيق حلم وبين ان تكون الحلم بذاته ؟
في عام 2003 وتحديدا بعد اقل من اربعة اشهر على التغيير الذي حصل في العراق حضر الى ملعب القوة الجوية فريق تلفزيوني ياباني مع لاعب ياباني الجنسية برازيلي الاصل هو ( راموس) كان قائدا لمنتخب الساموراي في تصفيات كاس العالم التي جرت في الدوحة عام 1993 وقد حضروا خصيصا الى بغداد للقاء لاعب المنتخب العراقي جعفر عمران الذي سجل هدف التعادل الثاني في الوقت القاتل بمرمى اليابان ليسهم في تأهل كوريا الجنوبية الى مونديال اميركا 1994 ..!! تقدمت اليه وسألته لماذا تحضرون للاحتفاء بلاعب اسهم في ابعادكم عن كأس العالم ؟ فأجابني مبتسما : ان جعفر عمران علم اليابانيين ان لا يدعوا للحظ مكانا في طريق تأهلهم الى كاس العالم مرة اخرى . وأكمل قائلا : تأهلنا الى مونديال فرنسا 1998 قبل ثلاث مباريات من التصفيات واستضفنا كاس العالم 2002 لكن تذكر اننا سنتأهل الى نهائيات كاس العالم عن قارة اسيا في كل نهائيات قادمة وقبل مباراتين على الاقل . الى هنا انتهى كلام راموس وقد حدث ذلك بالفعل تأهلت اليابان الى نهائيات كاس العالم 2006 في المانيا وجنوب افريقيا 2010 وهي الان تستعد للعب نهائياتها الخامسة على التوالي بعد صفعة عمران القاضية ..!!
محاربو الصحراء ممثلو العرب الجزائريون في نهائيات البرازيل عليهم ان يتذكروا اننا برغم كل ما ذكرناه من سوداوية وضبابية حضورنا المونديالي ، فان امالنا كما في كل نسخة ، لن تقف عند حدود القبول بالأمر الواقع برغم ايماننا المطلق ان الآمال لن تختزل سنوات التراجع والانكسار على ارض الواقع.

