ظاهرة التسوّل بثور تشوّه وجه مدينة القنيطرة

القنيطرة36_خاص

انجاز مصطفى و ايمان غرباوي

ما أن يحل فصل الصيف حتى تتحول عاصمة الغرب مدينة القنيطرة   إلى وجهة مفضلة لمجموعة من المتسولين المحترفين الدين يتقاطرون كالفطر على المدينة، فلا يمكن أن تمر بالمدينة دون أن يستوقفك أحد المتسولون من مختلف الأجناس والفئات العمرية أمام أبواب المساجد ومواقف السيارات، وفي الحدائق العمومية والمقاهي والأسواق، وفي المحطات الطرقية والمطاعم، وفي حافلات النقل الحضري والعمومي وأمام الأبناك، وفي مداخل الحمامات وأمام أبواب الصيدليات، وحتى في أبواب المقابر كل يختار طريقته في التسول، فبعضهم يلجأ إلى الدعاء وقراءة القرآن، والبعض يتخذ القصة المؤثرة وسيلة لكسب دريهمات، في حين تلجأ فئة إلى إظهار أماكن إصابتها بمرض أو ورقة شراء الأدوية التي عجزت عن توفير ثمنها، فيما تلجأ فئة أخرى إلى التسول بالكتابة، وذلك بتوزيع أوراق على ركاب الحافلات تحكي الوضع الاجتماعي الضعيف لاستعطاف الناس.. وهكذا إلى درجة يحار فيها الشخص في التمييز بين المتسول الصادق والمتحايل.

فلا يكاد فضاء عمومي ولا شارع رئيسي في مدينة القنيطرة  يخلو من هده الظاهرة التي غدت بالفعل مهنة تدر الملايين على ممتهنيها، , ولم يعد الأمر يقتصر على أصحاب العاهات سواء العادية او المستديمة، بل طال حتى أفرادا بصحة ومعنويات مرتفعة، وجدوا في التسول مهنة العصر، نظرا لطقس القنيطرة الحار صيفا،حيث يقضي الكثير منهم الليل في الحدائق العمومية، كما ان هناك متسولون  يستغلون أطفالا في عمر الزهور ورضع وقاصرون بالاضافة إلى فتيات، وعلى الخصوص النسوة اللواتي يصلن تباعا إلى القنيطرة تزامنا مع عودة عمالنا بالخارج، ورغبة منهن في الإيقاع بمزيد من الضحايا فإن دهاء وحيل هذه الشريحة من المتسولين دفعت بهم إلى ابتكار أساليب جديدة للتسول كالإدلاء ببعض الوصفات والشواهد الطبية المسلمة لهم من بعض المراكز الإستشفائية، عبر تراب المملكة.

وأثناء جولتنا بمختلف أحياء مدينة القنيطرة التقينا إحدى المتسولات في الخمسينات من العمر، وجدناها أمام مسجد “أندونسيا ” بالقرب من بئرانزران، رفضت الكشف عن هويتها و التحدث الينا. لكن عندما استعطفناها بمبلغ مالي روت لنا قصتها، وأكدت أن السبب الذي جعلها تتوجه الى التسول هو كسب الرزق. فبعد وفاة زوجها الذي ترك لها ابنا معاقا ذهنيا وابنة عاقة لها، قام أهله بطردها من المنزل، فتوجهت الى التسول لأنها وجدت فيه المصدر الوحيد لكسب الرزق. على حد قولها .

 
 ويطالب سكان القنيطرة
بتكثيف الحملات التفتيشية على المتسولين ومنعهم من ممارسة التسول الذي بات مهنة لدى العديد منهم، اضافة الى تسببهم بقلق للسكان، مؤكدين في ذات الوقت أن عدداً كبيراً من كبار السن يجلسون يوميا أمام المخابز والمحال التجارية يستجدون المساعدة المالية دون خجل، محاولين استعطاف المارة بطريقة او بأخرى بادعاء الفقر وعدم مقدرتهم تلبية احتياجات أطفالهم الضرورية.

 الكثير من المتسولين يجهلون الأحكام القانونية والعقوبات التي تسلط على الذين يمتهنون التسول، وخاصة الذين يستغلون الأطفال في هذا الفعل الذي يمقته الدين والقانون. أفاد أحد المحامين بأنه بالرغم من وجود المادتين “195 و196” اللتين  تمنعان استغلال الأطفال في التسول وتسلطان عقوبات بالسجن على ممارسيه المعتادين، إلا أن العديد من الأولياء يستغلون أبناءهم في التسول.  وأرجع محدثنا سبب الإقدام على مثل هذه الأفعال إلى جهل البعض لهذه القوانين.




شاهد أيضا