السقوط الأخلاقي


الحرب الأخرى
تخوض إسرائيل حربا إعلامية شرسة تحاول عبرها تبرير وحشية العدوان التي تشنّه على الفلسطينيين. عندما تُعرض عليها صورُ الأطفال والنساء والشيوخ الذين قتلتهم بدم بارد، تزعم بأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تتخذ المدنيين دروعا بشرية. وحين يشتد عليها الخناق من وسائل الإعلام العالمية، تردّ بكل وقاحة بأنها حذّرت المدنيين ودعتهم إلى مغادرة تجمعاتهم السكنية؛ وكأن أهل غزة يملكون ترف مغادرة بيوتهم في أكبر سجن مفتوح في العالم يضم أكبر كثافة سكانية. ولا تعدم إسرائيل من يبرر لها وحشيتها، حيث إن الموالين لها لا يترددون في الحديث عن معاداة السامية في مواجهة من ينددون بما تقترفه دولة إسرائيل التي أضحى انتقادها في نظر البعض محرما، حيث يحاولون الإيحاء بأن ذلك ينطوي على معاداة لليهود والحال أن المضمون الصهيوني لدولة إسرائيل لا علاقة له بالدين؛ فتلك دولة تمارس أقبح احتلال في تاريخ البشرية. هي دولة متعطشة للقتل والتطهير العرقي. إنها ترتكب جرائم ضد الإنسانية أمام أعين القوى العظمى التي تبدي تفهما لذلك.

صدّق أو لا تصدّق
«وشهد شاهد من أهلها». فضيحةٌ أخرى تثير الرعب في النفوس التي استسلمت إلى وهمٍ بأن الحرب على الإرهاب يمليها حرص الولايات المتحدة الأمريكية على حياة مواطنيها. فضيحةٌ جديدةٌ سوف تعد وصمة عار على جبين بلد «العم سام»، إذ سخّرت الدولة في الولايات المتحدة الأمريكية أناسا من أجل إرهاب الأمريكيين. خبرٌ صاعقٌ نقلته وسائل الإعلام عن منظمة «Human Rights Watch» (هيومن رايتس ووتش)، التي تتابع أحوال حقوق الإنسان في أمريكا والعالم؛ فقد أكدت تلك المنظمة أن مكتب التحقيقات الفيدرالي، «إف بي آي»، «شجّع» و«دفع أموالا» في بعض الحالات لأمريكيين مسلمين، من أجل ارتكاب اعتداءات خلال عمليات سرية بعد اعتداءات الـ11 من شتنبر 2001. المنظمة تذهب إلى أن الـ«إف بي آي» خلق، في بعض الحالات، إرهابيين لدى أفراد يحترمون القانون؛ وذلك باقتراحه عليهم فكرة ارتكاب عمل إرهابي. وقد أكدت «هيومن رايتس ووتش» أنه في «أكثر من 500 قضية نظرت فيها المحاكم الأمريكية، منذ الـ11 من شتنبر 2001، استهدفت وزارة العدل الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي مسلمين أمريكيين في عمليات سرية عشوائية لمكافحة الإرهاب جرت على أساس الانتماء الديني والإثني». وقال أندريا براساو، أحد معدي التقرير، «قيل للأمريكيين إن حكومتهم تضمن أمنهم عبر منع الإرهاب ومعاقبته داخل الولايات المتحدة»؛ قبل أن يستدرك قائلا: «لكن إذا دققتم في الأمر، ستجدون أن عددا من هؤلاء الأشخاص ما كانوا سيرتكبون هذه الجريمة لو لم تشجعهم قوات الأمن وتدفعهم، وحتى تقدم لهم المال في بعض الأحيان، لارتكاب أعمال إرهابية».

شباب بالمرصاد
عندما تتابع ردود الأفعال على ما ادعته أماني الخياط، مقدمة برنامج «صباح أون» على قناة «أون تي في» المصرية، تحس بالكثير من الاعتزاز؛ لأن في بلدنا شبابا يحسن الرد على من يسعى إلى النيل من كرامة المغاربة. السيدة المذيعة كانت حاسمة في ادعاء احتلال المغرب لمراتب متقدمة في عدد المصابين بداء فقدان المناعة المكتسب (السيدا) واعتماد اقتصاد بلدنا على الدعارة. لقد سعت العديد من الجهات إلى إصلاح ما أفسدته المذيعة التي ألزمتها القناة بالاعتذار، واعتذرت القناة نفسها، واستبعدت أماني الخياط من عملها في القناة، وخصصت «الأهرام» افتتاحيتها للاعتذار للمغاربة، وأصدر سفير مصر في المغرب بيانا في الموضوع، وأكدت العديد من الجهات في مصر أن ما اقترفته تلك المذيعة لا يفسد العلاقات بين المغاربة والمصريين. في مصر، تحرّك سفير المغرب هناك، وردّت زوجته على ادعاءات المذيعة، واحتجت الجالية المغربية هناك، ورفعت دعوى قضائية ضد المذيعة؛ لكن ما أثار الانتباه هو هبة الشباب المغربي في شبكات التواصل الاجتماعي، حيث انبروا للرد على المذيعة التي لعنها المصريون أنفسهم. لقد كان لشباب شبكات التواصل الاجتماعي نصيب في قرار الإطاحة بأماني الخياط؛ وهو ما يستدعي الانتباه إلى هؤلاء الجنود الذين يشهد لهم بالاستماتة في الدفاع عن كرامة بلدهم أو فضح من ينالون من كرامة مواطنيه، سواء أ كانوا من بني جلدتهم أم أجانب مثل أماني الخياط. 



شاهد أيضا