بعد جلسة صاخبة مليئة بالأحداث، ووسط حراسة أمنية مشددة من عناصر القوات العمومية ورجال الشرطة المكلفين بتأمين قاعة المحاكمة بابتدائية القنيطرة، التي غصت بالعشرات من الطلبة، قررت القاضية وفاء حربة، مساء الأربعاء المنصرم، تأجيل قضية الطلبة الأحد عشر، الذين يوجد خمسة منهم رهن الاعتقال الاحتياطي، لجلسة العاشر من دجنبر الحالي لإتمام المناقشة.
واحتدم النقاش، خلال هذه الجلسة، بين دفاع الطلبة ودفاع المطالب بالحق المدني، وصلت إلى حد اتهام دفاع رجال الأمن، بالتزوير وتحريف الوقائع، حينما قام هذا الأخير بالإدلاء بوثيقة التصريح باستئناف حكم، اعتبره دفاع المتابعين حكما غير موجود ولم يصدر عن المحكمة المعروض عليها ملف هذه القضية، مطالبا النيابة العامة بفتح تحقيق في مصدر هذه الوثيقة التي وصفوها بالمزورة، وتحديد المسؤوليات، وهو ما تصدى له دفاع المطالبين بالحق المدني، الذي اعتبروه تجريحا لهم، ورفضوا مخاطبتهم بأوصاف مهينة، مذكرين الطرف الآخر بضرورة الابتعاد عن التفسير العبثي لعدد من النصوص القانونية والترافع بشكل سليم وخال من عبارات الاستهزاء والتهجم.
وانطلقت جلسة اليوم بملتمس من دفاع الضحية صابر نزيهي، وهو عميد شرطة بولاية أمن القنيطرة، يرمي إلى عرض موكله على خبرة طبية، لتحديد ما إذا كان مهددا بالتعرض لعاهة مستديمة نتيجة الإصابة التي لحقته جراء الاعتداء عليه، بحسب الدفاع، خلال أحداث العنف التي شهدها، أخيرا، محيط جامعة ابن طفيل، وهو ما عارضه دفاع المتهمين بشدة، لانعدام ما يبرره، لتقرر المحكمة تأجيل البت فيه لما بعد مناقشة الملف، لتتقدم الجهة نفسها بدفع آخر يرمي إلى التصريح بعدم الاختصاص النوعي، مادام الأمر يتعلق بجناية، نظرا لاحتمال إصابة الضحية بعاهة مستديمة، وهو ما تصدى له دفاع المتهمين الذين اعتبروا الأمر مجرد مناورة، لتأخير الملف وتمديد فترة اعتقال موكليهم دون مبرر معقول، لتقرر المحكمة ضم هذا الدفع إلى الجوهر.
وبعد رفع الجلسة للاستراحة، فوجئ الجميع، بإدلاء دفاع المطالَب بالحق المدني بنسخة من تصريح بالاستئناف ضد ما اعتبروه قرارا للمحكمة قضى باختصاصها للبت في الموضوع، ملتمسين إيقاف البت في القضية إلى حين البت في الاستئناف المذكور، وهو ما أثار حفيظة دفاع المتهمين، الذي اعتبر اللجوء إلى استئناف حكم لم يصدر أصلا ينم إما عن كذب وافتراء على المحكمة أو جهلا بمفهوم الحكم الذي يقبل الاستئناف، معتبرين أن المحكمة، أصدرت قرارا ولائيا لا يقبل أي طعن، بما أنها لم تصدر حكما بالمدلول القانوني حتى يقبل الاستئناف أو غيره من وسائل الطعن.
المحكمة، وبعد رفضها ملتمس إيقاف البت، أعطت الكلمة لدفاع المتهمين، في إطار الدفوع الشكلية، والذين استعرضوا الخروقات التي شابت تحرير المحاضر المنجزة في الملف، وهي عدم توقيع بعض الطلبة المتابعين على محاضر الاستماع إليهم، نتيجة ما اعتبروه تلفيقا لاعترافات لم تصدر عنهم أصلا، وكذا عدم احترام حقوقهم التي يكفلها لهم الدستور، والمتمثلة في حق الإخبار بدواعي الإيقاف والحق في التزام الصمت والحق في الاستفادة من مساعدة قانونية، وانعدام حالة التلبس في حق بعض الأظناء، وعدم إخبار العائلات وفق القانون، وهو ما قامت النيابة العامة بتفنيده، واعتبرت هذه الدفوع غير مؤسسة قانونا، مادامت المحاضر جاءت محترمة لنصوص القانون، وهو ما ذهب إليه أيضا دفاع الطرف المدني، لتقرر المحكمة، بعد ذلك، تأجيل القضية لجلسة التاريخ سالف الذكر.

