ما يزال الميلود الزحاف، بارون المخدرات المعروف بلقب “ولد الهيبول”، راقدا داخل زنزانته بالسجن المركزي للقنيطرة، دون الإقدام على الحراك خارجها، بعد أن قام مساء أول أمس الثلاثاء، بخياطة عينيه بواسطة إبرة وخيط سميك، يرجح أنه انتزعه من ملابسه، فيما أقدم عدد من السجناء على تسريب شريط فيديو يتهم فيه إدارة السجن بـ”التجاوزات والتعسفات” في حق النزلاء.

وتوصلت هسبريس بمعطيات من داخل سجن القنيطرة المركزي، تفيد أن ولد الهيبول، المدان بـ10 سنوات سجنا بتهمة الاتجار في المخدرات وبـ3 سنوات أخرى بتهمة الرشوة في قضية توبع فيها 16 عنصراً من أمن الصخيرات تمارة، أقدم على احتجاجه في الساعة الثالثة والنصف بعد زوال يوم الثلاثاء، أمام أنظار عدد من السجناء المجاورين له، مطالبا بحضور وكيل الملك من أجل مدّه بمعلومات وصفها بـ”المهمة”، فيما نقلت مصادر قوله “لا ريد أن يتجاهل أحد مطلبي ولا أتابع من إدارة السجن”.
وتعد هذه المرة الثانية التي يخيط فيها ميلود، الحامل لرقم الاعتقال 28/621، حيث عمد قبل أزيد من سنة إلى خياطة عنينه بالطريقة ذاته، نقل على إثرها إلى المستشفى، قبل ساعات تقدميه أمام المحاكمة في قضية “الرشوة”، حيث استخدم الطريقة ذاته باعتماده على خيوط سميكة انتزعها من جلباب صوفي قصير كان يرتديه، لكن هذا الاحتجاج لم يمنع المحكمة من إدانه الميدلو الزحاف بـ3 سنوات، وتبرئة 8 من العناصر الأمنة وإدانة الثمانية الباقين.
وتتزامن هذه الحادثة مع تسريب شريط فيديو يدعي صاحبه، المسمى “قنّاص السجون”، أنه من داخل السّجن المركزي للقنيطرة، وتحصلت هسبريس على نسخة منه، حيث يظهر الشريط، الذي لا تتجاوز مدته الدقيقة و11 ثانية، مبالغ ماليّة تقدر قيمتها بـ2000 ردهم إلى جانب قطع يبدو أنها “مخدرات صلبة”، قبل أن يعمد المصور إلى توجيه كاميراته صوب نافذة للتدليل على تواجده داخل “الزنزانة”.
وتتحدث رسالة الفيديو، الذي حمل عنوان “قناص سجون: فضيحة السجن المركزي بالقنيطرة”، أن الأوضاع بهذا الأخير “تنذر بالانفجار في أي لحظة”، مضيفا “في القوت الذي عيش فيه السجناء أوضاعا كارثية من الضغوطات والابتزازات والاستفزازت والاعتداءات المتكررة..”، مشيرة إلى أن الصور والأشرطة التي ستنشر في حلقات، تعكس “الوجه الآخر للفساد المستشري الذي يجمع عصابة داخل إدراة السجن مع عدد من البارونات وذوي الامتيازات..”.
زهاري: سجناء وموظفون في السجون متورطون
محمد الزهاري، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، يرى أن غياب الاعتمادات المالية “التي تضمن كرامة السجناء في التغذية والملبس والمسكن داخل المؤسسات السجنية” من شأنها أن تحدث تجاوزات من طرف السجناء وأيضا الإدارة، “التجاوزات أو الجرائم داخل المؤسسات السجنية من كل الأطراف تبقى خارج دائرة المتابعة القضائية للأسف”.
تلك التجاوزات، حسب الزهاري، تصل إلى حد بيع المخدرات والممنوعات واستمرار الجرائم داخل السجون، أمام أنظار بعض موظفي الإدارة السجنية “أو تواطؤهم أو مشاركتهم”، مشيرا إلى أن هذه الوضعية تستدعي حواراً وطنيا مفتوحاً حول أوضاع السجون، استنادا على اللقاء الذي جمع الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني والتنسيقية الوطنية لمتابعة أوضاع السجون، التي تضم 14 هيئة حقوقية.
وأشار زهاري، في تصريح لهسبريس، إلى أن تلك الوضعية، إلى جانب قضية الاكتظاظ المهول في السجون، تستدعي أيضا تعديلا في القانون المنظم للمؤسسات السجنية، “اليوم الكل يتحدث عن كرامة الإنسان وحقوقه بالمغرب.. لكن لا يحب أن ننسى أن السجين أيضا يحتاج إلى تلك المقاربة”.

