تغيير ثقافي ببولمان…سكان المرس ودواري تاغيت وإجرغني يلغون تقاليد العزاء

لا تخفى أهمية العادات والتقاليد في بناء هوية المجتمعات وتعزيز التواصل بين أفرادها. ومع ذلك، يبقى البحث عن توازن بين الموروث الثقافي ومتطلبات الحياة اليومية مسألة تحتاج إلى اهتمام دائم. وهذا ما تحققه الخطوة المميزة التي اتخذها سكان المرس المركز ودواري تاغيت وإجرغني، حيث قرروا تغيير عادة تناول طعام المآتم خلال فترة العزاء.

توصلت هذه الخطوة إلى ضوابط جديدة تجنب عبء تكاليف تحمل أهل المتوفى لتقديم وجبات طعام للمعزين، وهو ما كان يشكل أحيانًا عبءًا ماديًا ونفسيًا على العائلات المنكوبة. كما أشار النص إلى أن هذه العادة قد تثير شبهات بشأن استغلال أموال الأيتام أو اعتداء على حقوقهم، وهو أمر لا يمكن تجاوزه بخفة.

تجدر الإشارة إلى أن هذا القرار لم يكن نتيجة لقرار عابر، بل تمت دراسته ومناقشته بشكل جاد خلال اجتماع حضره ممثلون عن تلك المناطق. وتم توثيق التفاهمات التي تم التوصل إليها من خلال محضر نشر على صفحة إلكترونية محلية، مما يجعل القرار شفافًا ومتاحًا للجميع.

من الجدير بالذكر أن هذا القرار لم يقتصر على تغيير العادة المتعلقة بتقديم الطعام في المآتم فقط، بل شمل توجيهات أخرى مثل عدم تناول الطعام أثناء فترة العزاء نفسها، وتقديم واجب العزاء في بيت الميت دون العودة إلى منزل المتوفى إلا للضرورة القصوى. هذه التوجيهات تعكس حرص المجتمع على احترام روح العزاء وتقديمه بشكل صحيح ولائق.

الهدف الرئيسي من هذا القرار هو تجديد الثقافة المحلية وترشيد التقاليد التي قد تكون غير مناسبة في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية الحالية. ومن خلال ذلك، يسعى المجتمع إلى تعزيز أواصر الترابط والتلاحم بين أفراده، وتحقيق الرقي الاجتماعي وفقًا لتعاليم الدين الإسلامي التي تؤكد على أهمية التكافل والمواساة.

لا يمكن إلا أن نثني على الحس الواعي والمستدام الذي أبداه سكان هذه المناطق في اتخاذ هذا القرار. فقد تم اتخاذه بعد نقاش مستفيض ومستنير، واعتمد على توافق الحضور، مما يبرهن على رغبتهم الحقيقية في تطوير المجتمع وتقديمه بأبهى صورة.

في الختام، يظهر هذا القرار كمثال جلي على كيفية تحقيق التغيير الثقافي الإيجابي من خلال التفاهم والحوار. يمكن أن يلهم الجميع للنظر في تقاليدنا بعين التجديد والتحسين المستمر، مع الحفاظ على القيم والروح التي تجعلنا جزءًا من مجتمعنا المترابط والمتحاب.




شاهد أيضا