بعد محاولات متعددة، نجح المغرب أخيرًا في الفوز بشرف استضافة كأس العالم لعام 2030، وذلك بعد إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم نجاح الملف الثلاثي المشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال. يُعتبر هذا الإعلان سابقة في تاريخ البطولات العالمية، حيث ستُقام البطولة في قارتين مختلفتين، حيث تبدأ في أمريكا الجنوبية وتنتهي في أوروبا. ستُستضيف أوروغواي وباراغواي والأرجنتين المباريات الثلاث الأولى للاحتفال بالذكرى المئوية لأول بطولة كأس العالم، ثم تنتقل المنافسات إلى المغرب وإسبانيا والبرتغال.
وفيما يُعتبر تنظيم كأس العالم فرصة رياضية كبيرة، إلا أنه أيضًا فرصة لتحقيق فوائد اقتصادية هائلة للبلدان المضيفة، بما في ذلك الازدهار في قطاعات السياحة والخدمات وتطوير البنية التحتية. ومع ذلك، فإن هذه الفرص الاقتصادية تأتي بتكاليف مالية ضخمة يجب توفيرها من أجل بناء الملاعب والبنية التحتية الضرورية لاستقبال العالم.
تجنب الأخطاء التي واجهت البرازيل وجنوب أفريقيا بعد استضافتهما لكأس العالم في 2014 و2010 يُعد أمرًا ضروريًا. فقد تكبدت هذه البلدان خسائرًا مالية هائلة بلغت مليارات الدولارات، وظلت الملاعب معرضة للإهمال بسبب ضعف الدوريات المحلية وسوء التخطيط.
يبدو أن المغرب يسعى لتجنب هذه الأخطاء ويتجه نحو التوفيق بين تنظيم مونديال يلبي المعايير العالمية والاهتمام بالموارد المحلية واستدامة البنية التحتية. من المهم أن يحقق العائدات بعد انتهاء كأس العالم لضمان تحقيق استفادة اقتصادية دائمة.
واحدة من العوامل المهمة التي قد تساهم في نجاح المغرب هي قوة الدوري المحلي الذي أصبح واحدًا من أقوى الدوريات الكروية في العالم العربي والأفريقي. يمكن للمغرب الاستفادة من هذه القاعدة القوية لبناء ملعبات عالمية الجودة والاستفادة منها بشكل فعال بعد انتهاء البطولة.
على الرغم من الاستثمار الضخم في ملاعب كأس العالم، يمكن لهذه الملاعب أن تصبح عبءًا بعد البطولة. هذا ما حدث في البرازيل حيث لا يزال الديون مستمرة بسبب التكلفة الهائلة لبناء وترميم الملاعب. تجربة البرازيل تُظهر أهمية التخطيط الجيد لتحقيق الاستفادة القصوى من البنية التحتية الرياضية بعد البطولة.
وعلى ما يبدو فإن تجربة كل من جنوب إفريقيا والبرازيل لم تكن درسا لروسيا فمثلا ملعب Krestovsky في مدينة سانت بطرسبرغ بدأت أعمال بنائه عام 2007، تأخر المشروع الذي صممه مهندس ياباني على شكل سفينة فضاء لغاية عام 2017 لإضافة “بعض التغييرات التجميلية” مما زاد التكلفة الإنشائية ما يقارب 548٪ لتبلغ تكلفة الإنشاء النهائية للملعب 1.1 مليار دولار، حيث إنه يعتبر واحدا من أغلى الملاعب التي بنيت على الإطلاق.