كريم شوكري – k36.ma
ما زال صبيب التزييف الاعلامي يواصل دفقه التحريري على المادة الصحفية المعروضة للإستهلاك الجزائري، في مشهد تحكمه نظريات مرجعية في مجال الاعلام و الاتصال من قبيل: “صياغة الأجندة”، “تكثيف الرسالة”، “الطلقة السحرية”، “دوامة الصمت”…
كلها نظريات تلامس المرامي المضمرة التي تخفيها عادة الرسالة الإعلامية لكسب معركة قيادة الرأي..
و إذا تناولنا مثلا واقعة الحجز الجمركي لقمصان نهضة بركان من طرف سلطات مطار الجزائر العاصمة و أخضعناها لسكانير الخبرة القانونية سينكشف لنا الدور المافيوزي الذي اضطلعت به آلة إنتاج و إعادة إنتاج المعلومة داخل الجهاز الدعائي الجزائري لدرجة استخدام ترسانة لغوية و اصطلاحية لا يمكن العثور على مرجعيتها سوى ضمن صخب الزقاق و الحواري..
كيف يمكن لإعلام بلد يعيش في كنف تيكنولزجيا الألفية الثالثة أن يتوفر على كل هذه السماجة و التحايل على المفاهيم و المصطلحات لحد إدراج نازلة الحجز ضمن خانة السلوك السيادي..
فبينما استندت سلطات الجارة الشرقية على أدبيات لوائح الكاف و الفيفا في تسويغ نهجها المارق بل و ترويجه عبر إعلام سارع لاستلال سيوفه الخشبية لتهريب النقاش الحقيقي الذي يفترض فيه إدانة عنتريات دولة متنطعة لمنطق الدولة كما هو متعارف عليه ضمن أبسط محاور الدرس السياسي و الدستوري..
منطق الدولة هذا يقتضي عدم السماح لأذرع السلطات الأمنية بحشر أنفها في نازلة تقع تحت طائلة قوانين صادرة عن منظمات رياضية لا تلزم سوى الاتحادات الوطنية..
بتعبير آخر..مسألة السيادة و ما يوازيها من جهاز مفاهيمي رسمي لا يستقيم تكييفها سوى مع القوانين الداخلية للبلد سواء تلك ذات القيمة الدستورية (الواردة في دستور البلاد) أو القواعد ذات القيمة التشريعية (الصادرة عن البرلمان) فضلا عن القوانين ذات القيمة التنظيمية أو ما يسمى في لغة التشريع باللوائح Reglements..
فما عدا هذه الضوابط المتعارف عليها أمميا، لا يجوز لسلطات الجزائر تكييف سلوكها الأخرق مع بنية قانونية لا تندرج ضمن إنتاجها التشريعي الوطني..
و على هدي ما سلف، كان حريا بجمارك الجزائر رفع حصارها على أمتعة فريق حل بالجزائر لخوض نزال رسمي تحت حماية قانونية و تأطير مؤسساتي للكاف و الاتحاد الدولي، و كل تحفظ بشأن الأقمصة كان يجدر تصريفه في إطار الاجتماع التقني الذي عادة ما يسبق المنافسة..
إذن، فأخلاقيات الإعلام في بعدها الكوني تقتضي أن يوفر الفضاء الصحفي متسعا من المساحة للتحليل و التركيب و بالتالي استخلاص الدرس الأسمى:
لا يحق لسلطات الجزائر استخدام صلاحياتها الضبطية و الإكراهية لمنح نفسها أهلية السطو على اختصاصات حصرية للكونفيديرالية الإفريقية لكرة القدم..
هذا فقط غيض من فيض التزييف الاعلامي الذي ضرب أعراف و تقاليد مهنة النبلاء في مقتل، داخل بلد عودنا على التنكيل بمفاهيم و نظريات القيادة السياسية المشروعة أمميا..