شهد المشهد السياسي والإداري بالمغرب خلال الفترة الأخيرة ظاهرة لافتة تتمثل في استقالة عدد كبير من رؤساء الجماعات في عدة عمالات وأقاليم. هذه الظاهرة أثارت العديد من التساؤلات حول الأسباب التي تقف وراء هذا التوجه المتزايد، حيث يجد المتابعون أنفسهم أمام مشهد من الاستقالات المتكررة التي تثير الحيرة والتساؤلات حول دوافعها الحقيقية.
تتعدد التفسيرات حول أسباب هذه الاستقالات، ففي الوقت الذي يبرر فيه بعض الرؤساء قرارهم بالإفصاح عن أسباب صحية أو عائلية تعيق قدرتهم على الاستمرار في أداء مهامهم، يرى البعض الآخر أن هذه الاستقالات قد تكون نتيجة لضغوطات أخرى. المتتبعون يعتقدون أن العديد من هؤلاء الرؤساء قد يكونون قد اختاروا الاستقالة كوسيلة لتفادي تبعات المحتمل لقرارات العزل التي قد تترتب على مخالفات قد تستدعي المحاكمة، أو كوسيلة للهروب من المسؤولية خشية التعرض للاعتقال.
التحقيقات والتقارير التي ظهرت مؤخرا تسلط الضوء على بعض الاختلالات المالية والإدارية، خصوصا في مجالات الجبايات والعقار، وهو ما قد يكون وراء قرارات الاستقالة المفاجئة. وفي هذا السياق، أكد موقع “زنقة 20” أن معظم المستقيلين قد يكونون بصدد محاولة تجنب المحاسبة القانونية التي قد تفضي إلى إجراءات أكثر صرامة.
من الناحية القانونية، تقتضي الإجراءات المنظمة لعمل الجماعات في المغرب أن يتلقى عامل الإقليم استقالة الرئيس، وبعد مرور 15 يوما، يتم اتخاذ قرار بقبول الاستقالة وفتح باب الترشيح لانتخاب رئيس جديد ومكتب مجلس الجماعة. وخلال هذه الفترة، يستمر المكتب الحالي في أداء مهامه حتى انتخاب البديل.
وتنص القوانين على أن الاستقالة تسري بعد مرور 15 يوما من تقديمها، حيث يعتبر الرئيس المعني منقطعا عن ممارسة مهامه بعد هذا التاريخ. ويصدر العامل قرارا رسميا بمعاينة الانقطاع، مما يستدعي دعوة المجلس لانتخاب مكتب جديد ضمن فترة لا تتجاوز 15 يوما من تاريخ قرار المعاينة.
في الختام، تطرح هذه الظاهرة العديد من الأسئلة حول شفافية العمل الإداري والسياسي في المغرب، وحول مدى التزام المسؤولين بالمعايير القانونية والأخلاقية التي يجب أن تحكم عملهم.