يبدو أن السياسة في القنيطرة باتت مسرحًا هزليًا يُعيد نفسه كل مرة، ولكن بوجوه جديدة. آخر هذه المسرحيات يتمثل في مستشار جماعي يتطلع إلى الحصول على دعم مالي بقيمة 10 مليون سنتيم لصالح جمعيته “الكريمة”، وكأن دوره في المجلس ليس خدمة القنيطريين، بل تحقيق مصالحه الشخصية وجعل جمعيته تعيش أزهى أيامها.
من الواضح أن هذا المستشار يعاني من حالة نادرة من “الخلط في الأدوار”. فرغم أن المنطق السياسي السليم يُملي أن يكون دوره هو الدفاع عن حقوق المواطنين وتقديم مشاريع تخدم الصالح العام، إلا أن هذا الرجل يظن نفسه في مهمة تسويقية لجمعيته. ربما كان يعتقد أن دخول المجلس الجماعي هو بمثابة فوز بالجائزة الكبرى في اليانصيب السياسي، حيث يتحول المستشار إلى رجل أعمال، ولكن بأموال دافعي الضرائب.
هل يعتقد هذا المستشار أن القنيطرة تعاني من فائض في الأموال؟ ألا يكفي القنيطريين الهموم اليومية والمشاكل الاقتصادية التي تنهش في أحلامهم؟ لا، يبدو أن “السيد المستشار” يرى أن أولويات المجلس يجب أن تكون موجهة نحو دعمه الشخصي، بينما المشاريع التي تعود بالنفع على المدينة يمكن تأجيلها، ربما إلى حين انتهاء مدة ولايته!
وبطريقة تثير السخرية أكثر، يدافع المستشار عن طلبه وكأنه يقدم خدمة عظيمة للمجتمع. لكن الحقيقة الواضحة كعين الشمس هي أن هذه الجمعيات أصبحت بالنسبة للبعض “بقرة حلوب”، تُغدق عليها الأموال دون حسيب أو رقيب. نحن هنا لا نتحدث عن دعم مشاريع حقيقية أو مبادرات تهدف لتحسين حياة الناس، بل نتحدث عن جمعية واحدة تسعى لاقتطاع جزء من الميزانية لصالحها دون مبرر مقنع.
وباش نساليوها، غادي نقولو لهذا المستشار: بدلًا من التفكير في كيفية ضخ 10 مليون سنتيم في جيوب جمعيتك، حاول أن تتذكر لماذا اختارك القنيطريون واخا ( دزتي غير بديباناج) لتجلس في هذا المجلس. ربما يحتاج الأمر إلى لحظة صدق وللاسف تفتقده، أو ربما إلى صدمة سياسية كالتي تعيشها هذه الأيام (مقبلاتك حتى جهة سياسية) كي تعيد تشغيل البوصلة الأخلاقية في حياتك السياسية التي دخلتها صغيراً وها انت تخرج منها صغيراً.