اوسار احمد – المغرب
في خطوة أثارت استغرابًا واسعًا ووضعت الكثير من علامات الاستفهام حول توجهات بعض الأحزاب المغربية، أصدر حزب العدالة والتنمية المغربي بلاغًا يعزي فيه في مقتل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، الذي تم اغتياله في عملية عسكرية في قلب العاصمة اللبنانية بيروت. هذا البلاغ، الذي جاء في صيغة تعزية مليئة بالتقديس والتعاطف مع نصر الله، يثير قضايا جوهرية تتعلق بالولاءات الحزبية والإيديولوجية التي لا تتوافق مع المصالح الوطنية المغربية.
ما يثير الحيرة هو كيف يمكن لحزب سياسي مغربي، في بلد قائم على مؤسسات وطنية تسعى لحماية مصالحه الإقليمية والدولية، أن يصدر بيانًا تعاطفيًا مع شخصية مثل حسن نصر الله، الذي يمثل تنظيمًا مسلحًا يتورط في أجندات إقليمية ودولية بعيدة كل البعد عن مصالح المغرب. حزب الله ليس حركة مقاومة بريئة كما يحاول البعض تصويره؛ بل هو تنظيم يشتغل في خدمة مصالح إيرانية، ويدعم بقوة أجندات خبيثة في المنطقة. هذا الحزب ومن ورائه طالما أظهرو العداء للمغرب، خصوصًا فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية.
لقد أظهرت العديد من التقارير الإعلامية والدبلوماسية أن ايران عبر وكيلها حزب الله مشتبه في تقديمها دعماً مباشراً لجبهة البوليساريو الارهابية، وهي الجبهة الانفصالية التي تهدد وحدة المغرب الترابية. بل إن تقارير أشارت أن ايران قد وفرت عبر وكلائها التدريب العسكري لعناصر مسلحة في مختلف الاقطاب العربية، في خطوة تعكس عداءها الصريح للمغرب. كيف يمكن لحزب سياسي مغربي أن يتجاهل هذه الحقائق ويقدم تعازيه في زعيم تنظيم مسلح يعادي بشكل صريح مصالح المغرب؟
إن موقف حزب العدالة والتنمية بهذا البلاغ يتجاوز مجرد تقديم تعزية عاطفية، فهو يكشف عن أزمة عميقة في فهم طبيعة الولاءات الوطنية. المغرب، كدولة ذات سيادة ومؤسسات، لا يمكن أن يُجر إلى ساحة الولاءات الحزبية التي تخدم أجندات خارجية لا علاقة لها بالقضايا الوطنية، وموقف العدالة والتنمية يعكس تناقضاً صارخاً بين مصالح الوطن والولاءات الإيديولوجية التي لا تخدم سوى اعداء الوحدة الترابية لبلادنا .
قد يكون حزب الله خصمًا لإسرائيل، ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أنه حليف للمغرب أو أن له مصالح مشتركة مع الدول العربية والإسلامية، بل على العكس، هو تنظيم يعمل وفق أجندات إيرانية توسعية، ويرى في دعم الحركات الانفصالية وسيلة لزعزعة استقرار المنطقة والكل يعرف الدور الدموي الدي قام به التنظيم في سوريا والعراق واليمن .
في الوقت الذي يجب فيه على الأحزاب السياسية أن تضع الوطن فوق كل اعتبار، نجد أن بعض التوجهات الحزبية تسعى لتقديم الولاء لأطراف خارجية، وهو أمر مرفوض تماماً ويجب أن يتم التصدي له بحزم. المصالح الوطنية المغربية وقضية الصحراء هي خطوط حمراء لا يجب لأي حزب أو جهة أن تتجاوزها، ويجب على الجميع أن يدرك أن المغرب دولة ذات سيادة، ولا يمكن أن تكون رهينة لأجندات خارجية، سواء كانت إيرانية أو غيرها.
حزب العدالة والتنمية يجب أن يعيد النظر في مواقفه وأن يدرك أن المغرب ليس ساحة لتصفية حسابات إقليمية أو ولاءات خارجية، بل هو دولة ذات مؤسسات ومصالح عليا يجب أن تكون فوق أي اعتبار إيديولوجي أو حزبي.