اوسار أحمد _ القنيطرة
أصبحنا نعيش في زمن يفرض علينا فيه التفاهة كواقع يومي لا مفر منه. سؤال بسيط طرحه أحدهم: “أش دارو مع المالكي وولد الشينوية ؟” يكشف عن أزمة حقيقية في المجتمع: من هم هؤلاء الذين يحتلون واجهة منصاتنا؟ هل قدموا شيئًا يستحق الذكر؟ للأسف، هؤلاء “النجوم” الجدد (طاطا بيوتي، مي فلانة، مول الزعتر) اسماء تعبيرية تقريبية لنجوم ليسوا سوى صناع محتوى ساقط ومبتذل، يتحدون كل معايير الأخلاق، يعبثون بالقيم، ويجنون أرباحًا طائلة على حساب وعي المواطن وسمعة الوطن.
الفضول قد يدفعنا أحيانًا لمتابعة بعض مما يقدمون، لكن الشعور بالخجل سرعان ما يطغى عندما نكتشف أن هؤلاء التافهين أصبحوا هم النموذج الذي يُحتذى به لدى البعض بل من شريحة مهمة من الجيل الصاعد.
المقلق أن الأمر يتجاوز مجرد محتوى هابط؛ بعضهم يتمادى ليصل إلى التطاول على رموز الوطن بأسلوب مشين، وكأنهم في غياب تام عن أي شعور بالمسؤولية أو الانتماء. هذه ليست مجرد تصرفات فردية؛ بل هي مؤشر على أزمة قيم أعمق، حيث أصبحت الشهرة والثراء غاية تبرر كل وسيلة، مهما كانت قذرة أو مسيئة.
الدولة، للأسف، تتعامل مع هذه الظاهرة بتساهل مريب. أين الرقابة؟ أين المحاسبة؟ هل يُعقل أن يتحول التهريج إلى مهنة مربحة دون أدنى ضوابط؟ بعض هؤلاء يعبثون بصورة المغرب خارجيًا، ويشوهون سمعة مجتمعنا. هل ندرك أن ما يُبث على هذه المنصات هو مرآة تُظهر للعالم من نحن؟ لا يكفي أن نغضب أو ننتقد؛ المطلوب هو التحرك الجاد. هناك حاجة ملحة لتشديد القوانين وتنظيم قطاع صناعة المحتوى، كما أن الإعلام التقليدي يجب أن يستعيد دوره التوعوي بدلًا من أن يترك الساحة فارغة لأشباه المؤثرين.
المسؤولية تقع أيضًا على عاتق الجمهور. التفاهة تتغذى على تفاعلنا معها. كل إعجاب، كل مشاركة، هو دعم غير مباشر لهؤلاء. إذا كنا حقًا نحب هذا الوطن، فعلينا أن نعي خطورة ما يحدث. يجب أن نرفع مستوى الوعي، أن نختار بوعي ما نتابع وما نُروج. إنها معركة قيم، والمعركة تبدأ من كل فرد فينا. الوطن أكبر وأسمى من أن يكون مسرحًا لنجومية زائفة. الوقت حان للمحاسبة، والوقوف في وجه كل من يسيء لصورة هذا البلد العظيم.