عندما تتحول أموال الشعب إلى موائد الكبار!..فضيحة دعم اللحوم في المغرب

الأخطبوط الأسود 

في مشهد سياسي يثير الدهشة والاستغراب، انفجرت فضيحة جديدة في المغرب، بعدما كشف النائب البرلماني رشيد الحموني عن تفاصيل صادمة بخصوص “دعم اللحوم”، الذي كان يفترض أن يخفف من عبء ارتفاع الأسعار على المواطنين.

لكن المفاجأة الكبرى أن هذه الأموال لم تصل إلى المواطن البسيط، بل انتهت في جيوب 18 شخصاً فقط، محسوبين على أحزاب التحالف الحكومي، ليحصل كل واحد منهم على مبلغ خيالي تجاوز 73 مليار سنتيم!

هذه الأرقام الفلكية التي انتشرت كالنار في الهشيم، جعلت العديد يتساءلون: هل تحول دعم المواد الغذائية إلى دعم خاص بالنخبة السياسية؟ هل نحن أمام سياسة اقتصادية جديدة تقوم على تغذية “الجيوب الممتلئة” بدل تخفيف معاناة الشعب؟

من المستفيد؟ أرقام صادمة وحكومة صامتة

بلغت التكلفة الإجمالية لهذه “الصفقة الغامضة” أكثر من 1314 مليار سنتيم، وهو مبلغ يكفي ليس فقط لدعم أسعار اللحوم لجميع المغاربة، بل ربما لتمويل مشاريع اجتماعية ضخمة، وتحسين قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة التي تعاني من تدهور مستمر.

الفضيحة التي كشفها الحموني، لم تكن مجرد زوبعة إعلامية، بل هي واقع موثق بالأرقام، يضع الحكومة أمام مسؤولية سياسية وأخلاقية خطيرة. إذ بينما يعاني المواطن المغربي من غلاء المعيشة، ويصارع من أجل شراء أبسط الضروريات، نجد فئة صغيرة تستحوذ على أموال الدعم دون حسيب أو رقيب.

“اللحم في الأخبار فقط!”.. السخرية السوداء للواقع المرير

في الوقت الذي أصبح فيه المواطن المغربي يكتفي بمشاهدة اللحوم عبر نشرات الأخبار بسبب غلاء الأسعار، تأتي هذه الفضيحة لتزيد الطين بلة. فبعد أن كانت اللحوم بعيدة المنال للكثير من الأسر المغربية، يبدو أنها ستصبح قريبًا “ذكرى من الماضي”، وربما نراها مستقبلاً في المتاحف تحت عنوان: “اللحم المغربي.. جزء من التراث المنقرض”.

ما يزيد الوضع سوءاً، هو الصمت الحكومي المطبق تجاه هذه القضية، إذ لم يصدر أي تصريح رسمي واضح حولها، وكأن الأمر مجرد تفاصيل عابرة لا تستحق النقاش. فهل هذا التجاهل مقصود، أم أن الحكومة لم تجد بعد طريقة مقنعة لتبرير هذه الكارثة المالية؟

حيتان السياسة.. من يحاسبهم؟

إذا كانت هذه المبالغ الخيالية قد وُزِّعت على 18 شخصًا فقط، فمن الطبيعي أن نتساءل: من أعطى الضوء الأخضر لهذه المهزلة؟ وأين كانت الأجهزة الرقابية حين تم تحويل أموال الدعم إلى أرصدة المسؤولين بدلاً من توجيهها للفئات التي تستحقها؟

هذه الأسئلة تبقى معلقة، في ظل غياب أي تحقيق جدي أو إجراءات صارمة لوقف هذا النزيف المالي. والمؤسف أن المواطن المغربي، الذي يواجه الأزمات الاقتصادية يوميًا، يجد نفسه عاجزًا عن فعل أي شيء سوى السخرية من واقع مرير، عبر عبارات لاذعة مثل: “إذا اشتهيت اللحم، انظر إليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي!”.

العدالة الاجتماعية.. مطلب لا يقبل المساومة

فضيحة دعم اللحوم ليست مجرد حادثة معزولة، بل هي جزء من سلسلة طويلة من التجاوزات التي تعكس مدى غياب العدالة الاجتماعية في توزيع الثروات. فبينما يعاني المغاربة من الغلاء، والبطالة، وضعف الخدمات الأساسية، نجد أن أموال الدعم تذهب إلى من لا يحتاجها، في مشهد يعكس بوضوح انعدام المحاسبة والشفافية في تدبير الشأن العام.

المواطن اليوم لم يعد يطالب فقط بتفسيرات حكومية، بل يطالب بفتح تحقيق حقيقي وشفاف، يُحدد المسؤوليات ويحاسب المتورطين، ويضمن أن تعود هذه الأموال إلى مستحقيها.

فهل سنشهد تحركًا جادًا لمحاسبة المتورطين، أم أن هذه القضية ستضاف إلى قائمة الفضائح التي يتم طمسها مع مرور الوقت؟ الأيام وحدها ستكشف الحقيقة، لكن المؤكد أن ثقة المواطن في الحكومة تتآكل مع كل فضيحة جديدة، ومع كل درهم يُنهب من أموال الشعب!




شاهد أيضا