الأخطبوط الأسود
في خطوة غير تقليدية تثير الكثير من الجدل والتأمل، دعا وزير الخارجية الألماني الأسبق زيغمار غابرييل إلى عرض عضوية الاتحاد الأوروبي على كندا، معتبرًا أن هذه الخطوة ستكون أفضل رد أوروبي على الطموحات التوسعية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي لم يُخفِ في أكثر من مناسبة رغبته في ضم كندا كـ”الولاية رقم 51″ للولايات المتحدة.
وفي تصريحات لصحيفة “فيزر-كورير” الألمانية، أشار غابرييل، الذي يرأس حاليًا جمعية “جسر الأطلسي”، إلى أن انضمام كندا لا يعني بالضرورة دمجها الكامل على غرار باقي الدول الأعضاء، بل يمكن أن يكون “بشكل جزئي”، في إطار شراكة خاصة ذات طابع استراتيجي. وعلّق قائلاً: “كندا أكثر أوروبية من بعض أعضاء الاتحاد الحاليين، من حيث القيم، والثقافة السياسية، والنظرة للعالم”.
هذا التصريح يأتي في وقت حساس يشهد تصاعدًا في التوترات التجارية بين كندا والولايات المتحدة، بعد فرض ترامب رسومًا جمركية على واردات كندية، لترد أوتاوا بإجراءات مماثلة على بعض المنتجات الأمريكية، في مشهد أعاد إلى الأذهان هشاشة العلاقة بين الجارتين رغم القرب الجغرافي.
الاقتراح الألماني لا يبدو مجرد فكرة عابرة، بل يحمل أبعادًا جيوسياسية عميقة، تعكس مخاوف أوروبية من انكفاء واشنطن عن التزاماتها عبر الأطلسي، وتزايد التصعيد الشعبوي في أمريكا الشمالية. كما أنه يعكس رغبة في توسيع فضاء القيم الأوروبية ليشمل حلفاء يشتركون في المبادئ، ولو كانوا على بعد آلاف الكيلومترات.
الردود الأولى على هذه الفكرة تراوحت بين الترحيب والتحفظ، إذ اعتبرها البعض رؤية جريئة تنسجم مع التحديات الجديدة، بينما رأى فيها آخرون طموحًا غير واقعي يصعب تطبيقه على أرض الواقع، سواء من حيث البنية القانونية للاتحاد الأوروبي أو التباين الجغرافي والسيادي بين الطرفين.
غير أن ما لا شك فيه، هو أن دعوة غابرييل تفتح نقاشًا واسعًا حول مستقبل التحالفات الدولية، وتحديات السيادة، وحدود الهوية الأوروبية في عالم بات أكثر تقلبًا وتنافسًا على النفوذ والشراكات.

