K36:القنيطرة
تشهد مدينة القنيطرة في الآونة الأخيرة تزايداً لافتاً في أعداد الكلاب الضالة، التي باتت تجوب مختلف أحياء المدينة، بما فيها المناطق الراقية التي كانت تُعد في السابق أكثر أماناً وتنظيماً. فقد أصبحت مشاهد الكلاب الشاردة مألوفة في أحياء مثل المدينة العليا “لافيلوط”، وبئر الرامي، وأحياء أخرى وسط المدينة، ما أثار قلقاً متنامياً لدى الساكنة، وطرح العديد من علامات الاستفهام حول نجاعة التدخلات الجماعية وفعالية المقاربات المعتمدة في تدبير هذا الملف الشائك.
وتتجول هذه الكلاب بأعداد كبيرة في الأزقة والفضاءات العمومية، وأحياناً بالقرب من المؤسسات التعليمية والأسواق، ما يشكل تهديداً مباشراً لسلامة المواطنين، خصوصاً الأطفال والمسنين. كما تم رصد حالات هجومية محدودة في بعض المناطق، إلى جانب ازدياد الأصوات الليلية المزعجة الناتجة عن صراعات بين هذه الكلاب، مما يؤثر سلباً على راحة السكان.
الظاهرة لم تعد تقتصر على الأحياء الشعبية أو المحاذية للضواحي، بل طالت أحياء سكنية راقية ومعروفة بتنظيمها ونظافتها، الأمر الذي يكشف عن خلل واضح في مقاربة معالجة الظاهرة، وعدم وجود استراتيجية مستدامة تجمع بين البُعد الإنساني ومتطلبات السلامة والصحة العامة.
ورغم قيام بعض المصالح المختصة بمحاولات متفرقة لجمع أو تلقيح أو تعقيم بعض هذه الحيوانات، إلا أن الأثر لا يزال محدوداً، وهو ما يفتح باب النقاش حول ضرورة تبني خطة جماعية متكاملة، تشمل الجهات المنتخبة، السلطات المحلية، فعاليات المجتمع المدني والجمعيات المختصة في الرفق بالحيوان، من أجل احتواء هذه الظاهرة المتفاقمة بشكل سريع وفعّال.
ويطالب العديد من المواطنين بتدخل عاجل وجذري يحترم الكرامة الحيوانية، ويضمن في نفس الوقت سلامة السكان ونظافة المدينة. فاستمرار الوضع على ما هو عليه قد يُفاقم من مشاكل الصحة العمومية، ويُسيء إلى صورة مدينة لطالما كانت تُقدَّم كنموذج حضري واعد.
في انتظار تحرك ملموس، تبقى القنيطرة، بكل تناقضاتها، تحت رحمة قطعان الكلاب الشاردة التي تتنقل بحرية، كأنها هي من تحكم الشوارع والفضاءات، وسط صمت رسمي يثير الكثير من التساؤلات.