K36:سيدي الطيبي
في قلب الملحقة الإدارية الأولى بمنطقة أولاد الطالب الغربية، القريبة من مدينة الرباط، تتفجر فصول جديدة من الفوضى العقارية والتسيير العشوائي داخل جماعة سيدي الطيبي، حيث تحوّلت أرض محفظة ومملوكة للجماعة إلى بؤرة صراع بين السكان والسلطات، وسط غياب فاضح للمنتخبين المحليين وتوظيف سياسي مشبوه للملف، في سياق يبدو أنه يستبطن استعدادات مبكرة للانتخابات القادمة.
من تنازلات السلاليين إلى التحفيظ الرسمي
قبل عملية تحفيظ العقار المعني، دأب بعض أفراد الجماعة السلالية على بيع قطع أرضية عبر تنازل مكتوب لفائدة عدد من السكان، في ظل فراغ قانوني وتغاضٍ من الجهات المعنية. ومع مرور الوقت، بدأت الأمور تأخذ منحى أكثر تنظيماً بعدما تدخلت السلطات المختصة لإنهاء الفوضى، وذلك عبر إطلاق عملية إحصاء دقيقة باستعمال الطائرات المُسيّرة (الدرون)، لحصر عدد البقع الأرضية والسكان المستفيدين.
أعوان محليون يسهّلون البيع العشوائي
رغم الجهود الرسمية، فإن التحقيقات الصحفية الأولية، التي قامت بها الجريدة، كشفت عن تورط أحد الأعوان المحليين في تسهيل عمليات بيع غير قانونية داخل هذا العقار المحفظ، حيث تم استنبات ما يزيد عن 300 “صندوق” أو بقعة أرضية بطرق ملتوية.
عمليات البيع هذه تمت دون احترام المساطر القانونية، مما فاقم من تعقيد الوضع القانوني للمنطقة، وحوّلها إلى قنبلة اجتماعية موقوتة.
تدخل أمني لهدم البناء العشوائي
بمجرد استكمال الإحصاء الرسمي وظهور التجاوزات، تدخلت السلطات المحلية لإيقاف النزيف العمراني، من خلال هدم السكن العشوائي بالمنطقة الشرقية بداية.
هذه الخطوة أثارت موجة غضب في صفوف بعض الأسر التي كانت قد اقتنت البقع بطرق غير قانونية، واستشعرت الخطر القريب منها بالعقار المشار إليه، حيث اتهمت السلطات المنتخبة بعدم مراعاة وضعهم الاجتماعي، رغم أن الأمر يتعلق بتجاوز واضح للقانون والبناء فوق أرض في ملكية جماعية، وشكلت كتلة بشرية تضغط وتهدد.
المنتخبون يختبئون والسلطات في الواجهة
في الوقت الذي يفترض أن يكون المنتخبون في واجهة الحدث، باعتبارهم الممثلين الشرعيين للجماعة المالكة للعقار، سجلت مصادر محلية غيابًا تامًا لأعضاء المجلس الجماعي، الذين تركوا السلطات المحلية تواجه لوحدها غضب الساكنة. هذا الغياب، وفق مصادر مطلعة، ليس بريئًا، بل يدخل ضمن استراتيجية سياسية هدفها الاستثمار في الملف انتخابيًا، من خلال تصوير السلطة كمصدر للأزمة، بينما يتقمص بعض المنتخبين دور الضحية.
توظيف صورة العامل لاستعراض النفوذ
الأخطر من ذلك، حسب ما أكدته مصادر موثوقة، أن منتخبًا بارزًا في جماعة سيدي الطيبي لا يتردد في التفاخر بعلاقته بعامل إقليم القنيطرة، مستغلًا اسمه وصورته في لقاءاته مع بعض أعوان السلطة، في محاولة لبسط نفوذ سياسي على ملف قانوني بحت. هذا السلوك وصفته مصادرنا بـ”الاستغلال البشع لصورة السلطات”، وهو ما يسيء إلى منطق الحياد المطلوب في مؤسسات الدولة، ويضرب في العمق مصداقية العملية السياسية.
الجماعة هي المسؤولة القانونية الوحيدة
من الناحية القانونية، لا جدال في أن جماعة سيدي الطيبي، بصفتها المالكة للعقار، هي الجهة الوحيدة المخولة بالتفاوض مع الساكنة وتقديم حلول توافقية تراعي القانون والبعد الاجتماعي. غير أن هذا الدور لم يُفعّل إلى الآن، في ظل تواطؤ الصمت المريب من طرف المجلس الجماعي الذي يبدو أنه يفضل تأجيج الأزمة بدل حلها، على أمل استثمارها في صناديق الاقتراع.
نحو انفجار اجتماعي؟
الوضع الحالي في منطقة أولاد الطالب الغربية ينذر بمزيد من الاحتقان إذا لم تتحمل الجماعة مسؤوليتها السياسية والقانونية والأخلاقية. إذ أن استمرار حالة الفوضى وتنامي الشعور بالظلم في صفوف الساكنة قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي يصعب احتواؤه، خصوصا في غياب حلول عملية توازن بين ضرورة احترام القانون وضمان كرامة المواطنين، وتهديدهم (المواطنون) بالقيام بمسيرات نحو القصر الملكي بالرباط وطلب تدخل ملكي لحل الأزمة.
ويبقى السؤال المطروح بإلحاح: إلى متى ستظل الجماعة تسيّس الأزمات وتتوارى خلف ستار الصمت، بينما تتحمل السلطات عبء المواجهة الميدانية لوحدها؟رغم علاقتها الطيبة بالسلطات المحلية حسب تعبير أحد مصادر الجريدة.