من العفو إلى القيود..هل تحوّل قرار منع المعطي منجب من السفر إلى عقوبة مفتوحة؟

الأخطبوط الأسود

في مشهد يعيد إلى الأذهان الأسئلة الكبرى حول مدى احترام القانون وحقوق الإنسان بالمغرب، تفجرت قضية جديدة تتعلق بمنع المؤرخ والناشط الحقوقي الدكتور المعطي منجب من مغادرة التراب الوطني، رغم استفادته من عفو ملكي سنة 2024. الواقعة التي وثقها حقوقيون بشكل مباشر في مطار الرباط – سلا يوم 3 أبريل 2025، أعادت الجدل حول قانونية استمرار هذه الإجراءات، التي يعتبرها كثيرون غير مبررة وغير إنسانية.

واقعة المطار: رصد مباشر وانتهاك مستمر

في تدوينة نشرها الحقوقي محمد الزهاري على حسابه بفيسبوك، أكد أنه كان شاهدًا على منع المعطي منجب من السفر بمطار الرباط – سلا، مشيرًا إلى أن شرطة الحدود أبلغت الناشط الحقوقي بوجود قرار قضائي بمنعه من السفر ووضعه تحت المراقبة القضائية، رغم مضي سنوات على بداية هذه الإجراءات.

من العفو الملكي إلى الاستمرار في المنع

كان من المفترض أن يُنهي العفو الملكي، الذي استفاد منه منجب في يوليوز 2024، حالة التضييق المفروضة عليه منذ الإفراج عنه في يناير 2021، غير أن الواقع عكس ذلك. فرغم قرار العفو، لا يزال منجب يخضع لسلسلة من التدابير المشددة، أبرزها:

حجز على ممتلكاته.

تجميد رصيده البنكي.

توقيف راتبه كأستاذ جامعي.

منعه المستمر من السفر، ما حال دون اجتماعه بأسرته المقيمة بالخارج.

سؤال القانون: هل من أساس شرعي لهذه الإجراءات؟

وفقًا للمادة 160 من قانون المسطرة الجنائية المغربي، فإن المدة القصوى للوضع تحت المراقبة القضائية هي سنة واحدة، مقسمة على شهرين قابلة للتجديد خمس مرات فقط. لكن حالة منجب تجاوزت هذا السقف بكثير، إذ تم منعه من السفر لأكثر من أربع سنوات، ما يطرح تساؤلات قانونية جدية:

على أي أساس قانوني يُمنع منجب من السفر إلى اليوم؟

ما الجدوى من العفو الملكي إذا لم ينعكس على وضعيته الفعلية؟

هل تحولت المراقبة القضائية إلى عقوبة غير معلنة تتجاوز الحدود التي ينص عليها القانون؟

قضية تحولت إلى ملف رأي عام

تُعد قضية المعطي منجب اليوم واحدة من الملفات الحقوقية الساخنة في المغرب، حيث عبّرت منظمات حقوقية وطنية ودولية عن قلقها من استمرار هذه الإجراءات، واعتبرتها مسًا صريحًا بحقوق الإنسان وحرية التنقل، المنصوص عليها في المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب.

التضامن الواسع الذي حظي به منجب، يعكس حجم الاستياء من ما يُوصف بـ”التعسف القانوني” الذي يستمر رغم كل المرافعات والنداءات. وتبقى السلطات مدعوة اليوم إلى تقديم توضيحات قانونية دقيقة أو رفع هذا الحصار الذي لا يبدو له أي مبرر سوى إدامة حالة من التضييق الرمزي والسياسي.

ختاما، فبين العفو الملكي واستمرار المنع من السفر، يبرز تناقض صارخ يكشف إشكالية حقيقية في تطبيق القانون واحترام الضمانات الدستورية. قضية المعطي منجب تفتح الباب أمام نقاش سياسي وقانوني واسع: هل نحن أمام قرار قضائي مستقل، أم أمام حالة استثنائية خارجة عن النصوص؟ ومتى تنتهي هذه الوضعية التي أصبحت تمثل حرجًا لحقوق الإنسان في المغرب داخليًا وخارجيًا؟




شاهد أيضا