فضيحة سيبرانية تهز المغرب: قراصنة جزائريون يخترقون وزارة السكوري ويسربون بيانات آلاف الأجراء

k36:الأخطبوط الأسود

في تطور خطير يهدد الأمن السيبراني المغربي ويطرح تساؤلات حادة حول قدرة المؤسسات الحكومية على حماية معطيات المواطنين، تعرض الموقع الرسمي لوزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، التي يتولاها الوزير يونس السكوري، لاختراق إلكتروني وصف بالمعقد والمنظم. القراصنة الذين نفذوا العملية، حسب المعطيات الأولية، ينتمون إلى مجموعة جزائرية يُشتبه في ارتباطها بشبكات قرصنة ذات امتداد دولي ونشاط معادٍ للمصالح المغربية.

عملية اختراق ممنهجة ومعلومات حساسة في مهبّ الريح

لم يكن الهجوم الإلكتروني، الذي تم رصده في الساعات الأولى من يوم الأحد، مجرد تشويه لواجهة الموقع أو محاولة لإبطاله مؤقتًا، بل اختراق شامل طال قاعدة البيانات المركزية للوزارة. وتمكن القراصنة من الحصول على كمّ هائل من المعطيات الحساسة المرتبطة بآلاف الأجراء المغاربة، تشمل معلومات شخصية دقيقة مثل الأسماء الكاملة، أرقام بطاقات التعريف الوطنية، بيانات التوظيف، عناوين بريدية، وأرقام حسابات بنكية، خاصة بالمستفيدين من برامج الدعم والتشغيل.

تسريبات على “الدارك ويب” ومضامين عدائية

الأخطر في العملية لم يكن فقط سرقة البيانات، بل استخدامها كسلاح سياسي وإعلامي. فقد تم تسريب أجزاء منها على شبكة “الدارك ويب”، مرفقة برسائل ذات طابع عدائي صريح تجاه المغرب، تتضمن إشارات واضحة إلى أبعاد سياسية وجيوستراتيجية، وتلميحات إلى أن العملية جزء من “ردّ إلكتروني موجه” في سياق إقليمي متوتر.

حالة استنفار داخل الوزارة وأجهزة الأمن تدخل على الخط

بمجرد اكتشاف الاختراق، أعلنت الوزارة حالة طوارئ داخلية، وتم توقيف المنصة الإلكترونية بشكل مؤقت، في انتظار تقييم الخسائر وتحديد نقاط الاختراق. وتم فتح تحقيقين متوازيين، إداري داخلي وقضائي رسمي، بشراكة مع الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات والقيادة العليا للدفاع السيبراني. كما دخلت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST) على الخط، عبر وحداتها الرقمية المختصة، مستعملة تقنيات تتبع متقدمة لتحديد مصدر الهجوم والمسارات الرقمية التي سلكها القراصنة.

ضغط شعبي واستنكار واسع.. والوزير في مرمى الانتقادات

تداولت وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع أخبار الهجوم، وأبدى المواطنون غضبهم من غياب البلاغات الرسمية إلى حدود اللحظة، منتقدين تأخر الوزارة في التواصل مع الرأي العام، ومطالبين بتحديد المسؤوليات وتقديم توضيحات حول مصير بياناتهم الخاصة. كما ارتفعت الأصوات المطالبة بضمان الأمن الرقمي وتوفير حماية حقيقية لمعلومات المواطنين الذين لجأوا إلى خدمات الوزارة الرقمية.

المعارضة تستنفر.. وتعتبر الواقعة فضيحة سيبرانية وطنية

رد الفعل السياسي لم يتأخر، إذ طالبت المعارضة داخل البرلمان بتقديم الوزير يونس السكوري لتوضيحات أمام المؤسسة التشريعية، معتبرة ما وقع “فضيحة سيبرانية بحجم دولة”، تمس إحدى الوزارات المركزية التي تدير برامج اجتماعية حساسة. واعتبرت المعارضة أن الواقعة تؤشر على هشاشة كبيرة في المنظومة المعلوماتية، وتنذر بخطر أكبر في ظل تسارع رقمنة الخدمات العمومية.

خبراء الأمن السيبراني: دق ناقوس الخطر قبل فوات الأوان

في تقييمهم للحادث، أكد مختصون في الأمن السيبراني أن ما جرى لا يمكن عزله عن سياق إقليمي ودولي يتميز بتصاعد الهجمات الإلكترونية. واعتبروا أن المغرب مطالب أكثر من أي وقت مضى بإخراج استراتيجية وطنية متكاملة للأمن الرقمي، تشمل تحديث البنى التحتية للمعلومات، وتعزيز قدرات الموظفين العموميين، وتكوين فرق وطنية مخصصة للرصد والاستجابة الفورية للتهديدات السيبرانية.

التحول الرقمي في مهب الريح.. والمواطن الضحية الأولى

الهجوم يُعد ضربة موجعة للمسار الرقمي الذي تبنته الحكومة في السنوات الأخيرة، خاصة على مستوى تشغيل الشباب ودعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة. المواطن المغربي، في نهاية المطاف، هو من يؤدي ثمن غياب الحماية المعلوماتية، في وقت أصبحت فيه المعلومة رأسمالاً ثميناً وسلاحًا بيد من يحسن استغلالها، سواء لأهداف استخباراتية، اقتصادية، أو حتى سياسية.

نحو مواجهة مفتوحة في الفضاء الرقمي؟

مع استمرار التحقيقات الجارية وتعقّب المتورطين، تتجه الأنظار إلى كيفية تعامل الدولة المغربية مع هذا التهديد، وإلى ما إذا كانت هناك إرادة حقيقية لتأمين الفضاء الرقمي، في وقت لم تعد فيه الحروب تدور على الأرض فقط، بل صارت تُخاض في شبكات خفية، حيث تتحول “البيانات” إلى ذخيرة، و”المنصات الحكومية” إلى أهداف عسكرية إلكترونية.

في المحصلة، اختراق وزارة التشغيل لا يمثل فقط تهديدًا أمنيا، بل هو إنذار سياسي واستراتيجي، يفرض على الجميع إعادة التفكير في أولويات الدولة الرقمية، قبل أن تفاجئنا هجمات أخرى، ربما أشد دقة وأكثر تدميرًا.




شاهد أيضا