صدمة اقتصادية وسياسية..كيف يعصف قرار ترامب ببرامج التطبيع ويمس اقتصاديات مصر والأردن والمغرب؟

الأخطبوط الأسود

في خطوة مفاجئة تهدد مستقبل العلاقات الاقتصادية لعدد من الدول العربية مع الولايات المتحدة، قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف تمويل العديد من البرامج، التي كانت تُقدَّم تحت مظلة دعم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.

وتُقدّر قيمة هذه الحزمة بما يصل إلى 32 مليار دولار، مما يشكل ضربة قاسية لمشاريع تنموية واستثمارات كانت تعتمد على هذه التمويلات، خصوصًا في مصر والأردن والمغرب، التي تُعتبر من أكثر الدول تضررًا من هذا القرار.

إلغاء برامج أساسية في الصحة والزراعة والبحث العلمي
شمل القرار إلغاء أكثر من 40 منحة ومشروعًا تمويليًا في مجالات حيوية مثل الزراعة، الصحة، والبحث العلمي، مما أثار تساؤلات حول تداعيات هذا الإجراء على اقتصاديات الدول الثلاث.

فبالرغم من أن هذه المشاريع كانت تأتي ضمن سياسة واشنطن لدعم عمليات التطبيع الإقليمي، إلا أنها في الوقت ذاته كانت توفر تمويلًا كبيرًا لقطاعات حيوية تُساهم في التنمية المستدامة لهذه الدول.

في مصر، يُتوقع أن يؤثر وقف التمويل على مشروعات ري زراعية كانت تعتمد على تقنيات أمريكية حديثة، إلى جانب برامج تعاون أكاديمي في البحث العلمي.

أما في الأردن، فالإلغاء سيمس مشاريع دعم الخدمات الصحية، إضافة إلى مشاريع الطاقة المتجددة التي كانت جزءًا من استراتيجية المملكة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

وفي المغرب، سيتأثر التعاون في مجالات التعليم العالي والتكنولوجيا، حيث كانت المملكة تستفيد من منح أمريكية في البحث العلمي، إضافة إلى استثمارات في قطاعات البنية التحتية والطاقة.

شطب “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية” من المعادلة
إحدى أكبر تداعيات القرار تكمن في التوقف شبه الكامل لأنشطة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) في العديد من هذه الدول. وكانت هذه الوكالة تلعب دورًا رئيسيًا في تنفيذ المشاريع الاقتصادية والاجتماعية، سواء من خلال الدعم المباشر أو عبر شراكات مع القطاع الخاص.

ويرى مراقبون أن انسحاب هذه الوكالة سيؤدي إلى فراغ تمويلي خطير، ما قد يدفع هذه الدول إلى البحث عن بدائل جديدة مثل تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي أو الصين لتعويض النقص في التمويل الأمريكي.

هل يتراجع القضاء الأمريكي عن سياسة ترامب؟
السؤال المطروح الآن هو: هل سيعيد إالقضاء الأمريكي النظر في هذه السياسة؟ فرغم أن ترامب كان قد أعلن عن دعمه لمشاريع التطبيع في المنطقة، إلا أن الأولويات السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة قد تمنعه من إعادة التمويلات الموقوفة، خاصة في ظل الأزمات المالية التي تواجهها واشنطن داخليًا.

وبالنظر إلى التأثير المباشر لهذه القرارات على الدول العربية المعنية، يبدو أن هناك حاجة ماسة لإعادة تقييم العلاقات الاقتصادية والبحث عن مصادر تمويل بديلة، سواء عبر الاستثمار الداخلي أو من خلال بناء شراكات جديدة خارج دائرة النفوذ الأمريكي التقليدي.

هل تتجه المنطقة نحو تحالفات اقتصادية جديدة؟
قرار وقف التمويل الأمريكي قد يُعجّل بتوجه دول مثل مصر، الأردن، والمغرب نحو تنويع شركائها الدوليين، من خلال تعزيز العلاقات مع الصين، روسيا، ودول الخليج، التي أصبحت لاعبًا رئيسيًا في إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي في المنطقة.

وفي ظل التغيرات الجيوسياسية، قد يُشكّل هذا القرار الأمريكي فرصة لهذه الدول للتخلص من التبعية الاقتصادية لواشنطن، والبحث عن بدائل تمويلية أكثر استقلالية، مما قد يعيد رسم خارطة التحالفات الاقتصادية في العالم العربي.

ضربة أم فرصة؟
رغم أن القرار يمثل ضربة اقتصادية فورية للدول المتضررة، إلا أنه قد يكون أيضًا فرصة استراتيجية لإعادة النظر في النموذج الاقتصادي الذي يعتمد بشكل كبير على التمويل الأجنبي.

وفي النهاية، فإن نجاح هذه الدول في تجاوز الأزمة سيتوقف على مدى قدرتها على إيجاد بدائل مالية، وتعزيز الإنتاج المحلي، وتنويع مصادر الاستثمار بعيدًا عن المساعدات الأمريكية.




شاهد أيضا