قرض فرنسي جديد يُكرّس اعتماد المغرب على باريس في مشاريع القطارات فائقة السرعة

الأخطبوط الأسود

في خطوة مثيرة للجدل، حصل المغرب مؤخرا على قرض فرنسي بقيمة 780 مليون يورو لشراء 18 قطارًا فائق السرعة من فرنسا، مما يعزز موقع فرنسا كمورد رئيسي للبنية التحتية للسكك الحديدية في المملكة.

هذه الصفقة الضخمة تأتي ضمن مخطط المغرب لتوسيع شبكة القطارات فائقة السرعة، لكنها في الوقت ذاته تطرح تساؤلات حول مدى استقلالية القرار الاقتصادي المغربي ومدى استفادة الصناعة الوطنية من مثل هذه العقود الكبرى.

رهان المغرب على تطوير القطارات فائقة السرعة

المملكة المغربية تراهن على تطوير بنيتها التحتية في قطاع النقل السككي، وخاصة القطارات فائقة السرعة، بعدما دشنت أول خط “البراق” الذي يربط بين طنجة والدار البيضاء بتمويل فرنسي جزئي أيضًا. هذه الخطوة الجديدة تهدف إلى تمديد الشبكة لتشمل محاور أخرى، مما سيعزز الربط بين المدن الكبرى ويختصر زمن السفر، في إطار رؤية شاملة للنهوض بالبنية التحتية.

فرنسا.. الشريك المهيمن على قطاع السكك الحديدية المغربي

ليس مفاجئًا أن تحظى فرنسا بهذه الصفقة، إذ يُعتبر المغرب سوقًا رئيسيًا لصادراتها في مجال القطارات والتكنولوجيا المرتبطة بها. ومنذ سنوات، تعتمد المملكة بشكل كبير على الشركات الفرنسية في هذا المجال، وهو ما يطرح تساؤلات حول عدم تنويع الشراكات، في ظل وجود منافسين عالميين كبار مثل الصين وألمانيا واليابان، الذين يقدمون عروضًا تنافسية بأسعار أقل وجودة مماثلة أو حتى أفضل.

القروض المتزايدة.. هل يتحمل المغرب عبئها؟

الاعتماد المتزايد على القروض الأجنبية لتمويل مشاريع البنية التحتية الكبرى يثير مخاوف حول القدرة الاستيعابية للاقتصاد المغربي ومدى تأثير هذه الديون على الميزانية العامة للدولة. فالقرض الجديد من فرنسا يُضاف إلى سلسلة من القروض الضخمة التي حصل عليها المغرب في السنوات الأخيرة لتمويل مشاريع مختلفة، مما يجعل مسألة الاستدانة وتأثيرها على الأجيال القادمة محور نقاش بين الخبراء الاقتصاديين.

بين الطموح الاقتصادي والارتهان للشركاء التقليديين

في الوقت الذي تُعد فيه هذه الصفقة خطوة متقدمة في تحديث قطاع النقل السككي، يبقى السؤال الأهم: هل يخدم هذا المشروع مصلحة المغرب، أم أنه يُكرّس اعتماده الاقتصادي على فرنسا؟ وهل كان بالإمكان التفاوض على شروط أفضل أو البحث عن شركاء آخرين يقدمون عروضًا أكثر تنافسية؟

يبقى التحدي الأكبر في قدرة المغرب على إدارة هذا النوع من الصفقات بذكاء اقتصادي، بحيث لا يتحول إلى مجرد زبون وفيّ لفرنسا، بل إلى شريك متوازن يستفيد من التكنولوجيا والخبرة الأجنبية دون أن يُثقل كاهله بديون قد تُكبّله اقتصاديًا في المستقبل.




شاهد أيضا