الوداد على العرش..هل ينجح المطاردون في كسر هيمنته على البطولة المغربية؟

الأخطبوط الأسود

منذ انطلاق البطولة الوطنية المغربية موسم 1956/1957، ظلت المنافسة على لقب الدوري صراعًا كرويًا مشتعلاً بين الأندية الطامحة إلى المجد، حيث تنافست الفرق الكبرى على اعتلاء منصات التتويج وترسيخ أسمائها في تاريخ كرة القدم المغربية. وعلى مدار العقود الماضية، استطاع الوداد الرياضي فرض سيطرته على البطولة، متربعًا على العرش برصيد 22 لقبًا، متقدماً بفارق كبير عن أقرب ملاحقيه الرجاء الرياضي والجيش الملكي، اللذين يتقاسمان المركز الثاني بـ13 لقبًا لكل منهما، بينما كان للنادي القنيطري والمغرب الفاسي نصيب من الأمجاد بأربعة ألقاب لكل فريق، وسط طموح مستمر من أندية أخرى لإعادة رسم خارطة التتويجات.

الوداد الرياضي، الفريق الذي تأسس عام 1937، نجح في إثبات نفسه كأقوى الأندية المغربية وأكثرها فوزًا بالدوري، محققًا أول ألقابه في الموسم الافتتاحي 1956/1957، ليواصل بعد ذلك حصد الألقاب عبر مختلف الأجيال. ورغم قوة المنافسة، لم تتوقف ماكينة الألقاب الودادية، حيث استفاد الفريق من استقراره الإداري ودعم جماهيره العريضة، إضافة إلى امتلاكه لاعبين من طراز عالٍ ومدربين أكفاء، ما جعله الفريق الأكثر تتويجًا على الإطلاق برصيد 22 لقبًا، مبتعدًا بفارق تسعة ألقاب عن أقرب مطارديه، ليؤكد تفوقه المطلق على الساحة المحلية.

على الضفة الأخرى، يبرز الرجاء الرياضي، الفريق الذي تأسس عام 1949، كواحد من أكثر الفرق منافسةً على لقب البطولة، بعدما نجح في حصد 13 لقبًا، رغم دخوله المتأخر في سباق التتويج مقارنة بالوداد. بفضل فلسفته الهجومية وأسلوبه الممتع في اللعب، تمكن الرجاء من السيطرة على البطولة خلال فترات متقطعة، خصوصًا خلال التسعينيات وبداية الألفية، ما جعله يحظى بشعبية كبيرة داخل المغرب وخارجه. ورغم الأزمات التي مر بها النادي في بعض الفترات، ظل دائمًا حاضرًا بقوة في سباق اللقب، مسلحًا بجماهيره العريضة التي تدفعه للمنافسة في كل موسم.

الجيش الملكي، الذي تأسس عام 1958، دخل تاريخ البطولة من أوسع أبوابه بفضل مستوياته القوية، حيث أصبح أول فريق يحقق ثلاثة ألقاب متتالية، وهو إنجاز ظل صامدًا لسنوات طويلة. في حقبتي السبعينيات والثمانينيات، فرض الفريق العسكري نفسه كقوة كروية لا يستهان بها، معتمدًا على منظومة دفاعية صلبة ولاعبين مميزين قادوه إلى تحقيق 13 لقبًا، ليصبح أحد رموز الكرة المغربية. رغم تراجع نتائجه في بعض الفترات، لا يزال الجيش الملكي حاضرًا ضمن الكبار، محافظًا على إرثه التاريخي ومكانته بين أكثر الفرق فوزًا بالبطولة.

إلى جانب الثلاثي الكبير، حقق كل من النادي القنيطري والمغرب الفاسي أربعة ألقاب لكل منهما، ليتركا بصمة واضحة في تاريخ البطولة. تألق النادي القنيطري في فترة الثمانينيات، عندما قدم أحد أفضل أجياله التي ساهمت في تتويجه أكثر من مرة، بينما نجح المغرب الفاسي في اعتلاء منصة التتويج في مناسبات متفرقة، آخرها في موسم 2010/2011، ليبقى ضمن قائمة الأندية التي تذوقت طعم التتويج بلقب الدوري المغربي.

على مر العقود، لم تكن البطولة مجرد منافسة على اللقب، بل كانت ساحة لمعركة كروية مشتعلة بين الأندية، حيث لعبت الجماهير دورًا كبيرًا في دفع فرقها نحو القمة، وشهدت المنافسات العديد من اللحظات التاريخية والمباريات التي لا تُنسى. ورغم تصدر الوداد للقائمة التاريخية، فإن الرجاء والجيش الملكي يواصلان مطاردته، بينما تسعى أندية أخرى مثل نهضة بركان، الفتح الرباطي، وحسنية أكادير إلى حجز مكان لها بين كبار البطولة وكتابة أسمائها في سجل الأبطال.

ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه في كل موسم: هل سيتمكن أي فريق من كسر هيمنة الوداد على قائمة الأكثر تتويجًا، وتقليص الفارق في السنوات القادمة، أم أن الفريق الأحمر سيواصل إحكام قبضته على صدارة المتوجين، ليعزز رقمه القياسي في البطولة المغربية؟ الإجابة ستظل رهينة بالمستويات التي ستقدمها الأندية في المواسم المقبلة، في ظل تطور المنافسة وتحول البطولة إلى ساحة مفتوحة للمفاجآت، حيث لم يعد التتويج حكرًا على فريق بعينه، بل أصبح رهينًا بالمجهود والعمل المستمر، في سباق لا ينتهي نحو المجد الكروي.




شاهد أيضا