عبد الرزاق بو تمزار
في الوقت الذي تتواصل تداعيات الفضيحة الجنسية المُشينة التي هزّت الرّأي العامّ الوطني، وحتى الدولي، نهاية الأسبوع المنصرم، من خلال تواتر ردود الأفعال المُستنكِرة لهذه الجريمة الفظيعة في حقّ الطفولة المغربية، والكفيلة بإسقاط حكومة بأكملها، تواصل حكومة عزيز أخنوش “ضرب الطمّ” بشأن هذه القضية، وكأن الطامة وقعت في “جزر الواقواق” وليس في المغرب.
وإذا كنا في جريدة “36K” نستغرب مواصلة الجهات الحكومية الرّسمية “صمتها” وامتناعها عن الخوض في هذه الفاجعة الإضافية، التي لطّخت سمعة المغرب وألحقت مزيداً من الضّرر بصورته الخارجية عبر العالم، ولو ببلاغ مقتضب أو بخروج إعلامي لرئيس الحكومة أو ناطقه الرّسمي أو حتى لأحد البرلمانيين، فقد سعينا إلى استجلاء وجهة نظر “الموقف الرّسمي” من هذه “المجزرة” التي ارتكبها مريض مكانه الطبيعي السّجن وليس شواطئ المملكة وغاباتها حيث يمارس شذوذه ومكبوتاته على فلذات أكبادنا.
في هذا السّياق، تواصلنا هاتفياً بالناطق الرّسمي باسم الحكومة، لكنّ هاتفه ظلّ يرنّ دون جواب، ما يفتح الباب مشرعاً على التساؤل حول مدى جدّية الشّعارات التي يبدو أنها مُعّدة للاستهلاك الإعلامي لا غير بشأن الحقّ في الحصول على المعلومة، وكذا حول الأدوار المُفترَضة في مسؤول مَهمّته الأولى والأساسية تنوير الصّحافة حول ملابسات ومُستجدّات كلّ قضية تهمّ المغاربة، لكنْ “لا حياة لمن تنادي”..
وفي السّياق ذاته، اتصلنا عبر الهاتف بنزار بركة، وزير التجهيز والماء في حكومة أخنوش وأحد أبرز وجوه مكونات الائتلاف الحكومي الحاكم. وإذا كان السّيد بركة قد ردّ على اتصالنا، وأبدى رأيه “الشّخصي” حول هذه القضية المثيرة، فإنه كان شديد “التحفّظ” في إبداء رأي أو موقف “رسمي” من الفاجعة، مُفضّلا التحدّث إلينا بصفة شخصية، مُتوجّساً من الاقتراب من الموضوع بصفته جزءاً من حكومة أخنوش ومن المشهد السّياسي المغربي.
ولا يسعُنا والحالة هذه إلا أن نُبدي تأسّفنا وامتعاضَنا أولاً من “صمت” الحكومة، بكلّ أطيافها، عن الخوض في موضوع هذه الجريمة، التي لو كانت قد حدثت في بلد “ديمقراطي” فعلا لكانت حكومته قد سارعت إلى تقديم استقالتها فوراً، احتراماً لالتزاماتها وتعهّداتها تجاه الناخبين، مستغربين هذا “التجاهل” التامّ لهذه القضية من كلّ مكونات المشهد السياسي، حكومة وبرلماناً، وكأنّ الطفل المغربي المعتدى عليه ليس واحداً منا.
نتمنّى أن تتحلى حكومة أخنوش بمزيد من “التفاعل” مع القضايا التي تمسّ المغاربة في عمومهم وأن تمتلك بعض الشّجاعة و”السّرعة” في الخوض في ما يحدث على أرض هذا البلد الآمن، الذي لا ندري ماذا “يمنع” سياسييه، من وزراءَ وبرلمانيين، من التفاعل مع مثل هذه القضايا الخطيرة، الكفيلة بتقويض السّلم الاجتماعي وزيادة عزوف المواطنين من كلّ ما يمتّ للسّياسة بصلة، ما دام رجال السّياسة يواصلون تجاهلهم لهذه الواقعة الخطيرة، وكأنّ أمر هذا الطفل الضّحية ولا غيره تهمّهم في شيء.